الثلاثاء، ١٩ يوليو ٢٠١١

خالد البري يكتب في التحرير: هاف تايم



لم أر في حياتي أهلاويا يقنع زملكاويا بأن ينتقل من صفوف الزمالك إلى الأهلي. يمتلك الأهلاوي كل الإحصائيات الكفيلة لإثبات أن الأهلي أنجح من الزمالك وأكثر حصدا للبطولات، لكن أحدا من الزملكاوية لن يغير قناعته، وفي المقابل مهما حاول زملكاوي أن يقنع أهلاويا بأن الزمالك مدرسة الكرة، وأن أسباب قلة بطولاته لا علاقة لها بجماليات اللعبة، فإن الأهلاوي لن يشجع الزمالك.. هذا في الكرة، لأن التشجيع فيها يترسخ منذ الطفولة. البهجة ترتبط بأشخاص معينين، وبانتصارات فريق معين، وبأصحاب يشجعون فريقا، وبمواقف طريفة. أشياء لا تنسى، مقبولة ضمن قواعد التشجيع الكروي، لكنها ممقوتة في التشجيع السياسي. في السياسة ينبغي أن تختلف دوافع التشجيع ومبرراته، وأن يختلف موقفك من فريقك ومن الفريق الآخر من يوم إلى آخر، ومن دقيقة إلى أخرى، إن طرأ ما يستحق تغيير الموقف. من كان معترضا على أفعال الشباب الذين دافعوا عن حقوق الشهداء -بينما يوصفون بالبلطجية- يجب عليه الآن أن يتوقف وأن يقول لهم بكل نزاهة: شكرا، فقد وضعتمونا جميعا على الطريق الصحيح، وغيرتم التوازنات على الأرض، وأبرزتم قضية غفلنا عنها في زحمة الجدل السياسي النظري. ومن اعترض على اعتصامهم ينبغي عليه الآن أن يقول: شكرا، لقد حققتم للأمة المصرية مكاسب سياسية لم نستطع طوال ستة أشهر الحصول عليها:
حقوق الشهداء، وعلنية المحاكمات، وملف المحاكمات العسكرية، وتأكيد حق الإضراب والتظاهر والاعتصام السلمي، وتمييز صلاحيات منصب رئيس مجلس الوزراء، والإعلان عن كتابة وثيقة مبادئ حاكمة للدستور قبل الانتخابات. شكرا لأنكم متيقظون، ولأنكم لا تزالون واعين بأن حركة الإصلاح الجدي لجهاز الشرطة لم تبدأ بعد، وأن هناك حتى الآن في هذا الجهاز من يخالفون القانون، ولا يتعرضون للمحاسبة.
وشكرا لأن صوت الوعي وتأكيد سلمية الثورة انتصر في النهاية على صوت المبالغة في الحماس، والخلط بين الثورية والعنف وانتهاك حقوق المواطنين. شكرا، بروح رياضية، وتشجيعا للعبة الحلوة.

وبالمثل، منتقدو أداء المجلس العسكري ينبغي أن يعترفوا بأنه بذل جهدا -متأخرا- لكي يفهم رسالة الشارع، مشكورا على الجهد على أي حال. وينبغي أن يعترفوا بأنه -لو صح العزم- فإن ما طرحه المجلس يصلح لأن يبنى عليه في هذه اللحظة، كبداية وليس كمنتهى، وأن يتابع من موضع حسن الظن اليقظ. وينبغي أن يعترفوا بأن الحل الذي توصل إليه المجلس في قضية كتابة الدستور حل جدير بالنظر، آخذا في الاعتبار الوضع الحرج للمجلس بين ضغوط من قوى سياسية متباينة، ونتيجة التصويت الشعبي على التعديلات الدستورية والجدول الزمني، أن يعولوا في هذه اللحظة على تأكيد المجلس صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، ويتابعوا الالتزام بهذا. برافو، خطوات مشجعة، وإن شاء الله نتعاون والأداء يتحسن عند الجميع.

السياسة تختلف أيضا عن كرة القدم في أن نتيجتها ليست ثلاث نقاط مقابل صفر. إنما نسب متفاوتة. لأنها قائمة على مبدأ المشاركة في كل شيء، ولأنها لا بد أن تشمل الجميع، ولا بد أن يتعلم فيها المرء -بتدريب نفسه- كيف يختلف دون أن يقصي. كيف يتخطى الحواجز ويجالس جماهير الفريق الآخر في مدرجاتهم. وبالحوار ستكتشف القوى السياسية المعتصمة في التحرير والقوى السياسية المعترضة أن ما يجمعهم أكثر كثيرا مما يفرقهم، وأنه يجب في هذا الوقت البناء على نقاط الاتفاق، وتقديم تنازلات متبادلة في نقاط الخلاف. ولو ارتضى الطرفان بالحل الوسط الذي طرحه الجيش بإعلان وثيقة مبادئ حاكمة للدستور، فإن عليهما أن يعملا معا لكي يضمنا حدود سلطة المؤسسة العسكرية في الدولة الجديدة. لا مكسب لأي جماعة في الإيحاء للناس بأنهم مصرون على السيطرة على كتابة الدستور. ولا ضمانة للحركات ذات المرجعية الدينية بحرية سياسية على قدم المساواة مع الآخرين إلا بدستور مدني، يضمن حرية العقيدة الدينية والاعتقاد السياسي، ويساوي بين المواطنين دون منح امتيازات لشريحة أو فئة أو نخبة. هذا وقت اللعب النظيف. وليس وقت الضرب تحت الحزام.
  
by Tahrir News on Tuesday, July 19, 2011 at 10:01am

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق