الأحد، ١٧ يوليو ٢٠١١

العصيان المدني

العصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثّقة؛ في الهند (مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية)، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية، وفي ثورة 25 يناير المصرية وما اصطلح علي تسميتها بثورة اللوتس ,وفي حركات السلام حول العالم.

و بالرغم من اشتراك العصيان المدني مع الإضراب (و خصوصا الإضراب العام) في كونهما وسيلتان تستخدمهما الجماهير للمطالبة برفع ظلم أصابها، إلا أن الإضراب متعلق بحقوق العمال في مواجهة صاحب العمل (و الذي يمكن أن يكون هو الحكومة).

تمثلت إحدى أبكر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في لجوء المصريين إليه ضد الاحتلال البريطاني في ثورة 1919 السلمية.

أصوله الفكرية

كان الكاتب الأمريكي هنري ديفيد ثورو هو رائد النظرية الحديثة في هذه الممارسة في مقالته المنشورة عام 1849 بعنوان "العصيان المدني" والتي كان عنوانها الأصلي "مقاومة السلطة المدنية". وكانت الفكرة الدافعة وراء المقالة هي الاعتماد على الذات وكيف أن الموقف الأخلاقي للفرد يكون سليما إذا كان بوسعه "مفارقة غيره" عند اختلافه معه؛ أي أنه ليس على الفرد محاربة الحكومة، لكن عليه أن لا يدعمها في أي شيء وأن لا يستفيد من دعمها له في أي شيء إن كان معارضا لها. كان لهذه المقالة أثر بالغ في عديد من ممارسي العصيان المدني لاحقا. في هذه المقالة يفسر ثورو أسبابه في رفض دفع الضرائب كفعل احتجاج ضد العبودية وضد الحرب المكسيكية الأمريكية.

المصطلح

لم يصُغ ثورو مصطلح "العصيان المدني" ولم يستخدمه أبدا، إلا أنه بعد أن نُشرت عام 1849 محاضراتُه التاريخية لعام 1849 بدأ مصطلح "العصيان المدني" يظهر في عديد من الفعاليات والمحاضرات ذات الصلة بالعبودية في الولايات المتحدة الأمريكية؛ لذا فحين نُشرت محاضرات ثورو تحت عنوان "العصيان المدني" عام 1866 بعد موته بأربع سنوات كان المصطلح قد راج.

نظريات وأساليب

عند اللجوء لاستخدام نمط فعال من العصيان المدني قد يتم اللجوء إلى المخالفة العمدية لبعض القوانين، مثل سد الطرق على نحو سلمي أو احتلال منشآت بشكل مخالف للقانون. يمارس المحتجون هذا النوع من الشغب غير العنيف بهدف دفع السلطات إلى اعتقالهم أو حتى مهاجمتهم أو الاعتداء عليهم. وعادة ما يتلقى المحتجون تدريبات مسبقة على كيفية التصرف عند اعتقالهم أو مهاجمتهم بحيث تأتي أفعالهم بمسلك يَنمُّ عن مقاومة ورفض هادئين للسلطة لكن دون تهديد ودون اعتداء ولو حتى بغرض الدفاع عن النفس.

على سبيل المثال، فقد وضع غاندي القواعد التالية:

  • المقاوم المدني (ساتياجراهي) لن يُداخله أي غضب.
  • أنه سيتحمل غضب الخصم.
  • أنه في سبيل ذلك سيحتمل هجوم الخصم عليه ولن يرد مطلقا، لكنه لن يخضع خوفا من العقاب إلى أي أمر يُوّجه إليه في غضب.
  • عندما يعمد أي شخص في السلطة إلى اعتقال المقاوم المدني فإنه سيخضع طوعا للاعتقال كما أنه لن يقاوم مصادرة متاعه.
  • إن كان أي من متاع المقاوم السلمي أمانة مودعة عنده فإنه سيرفض تسليمها حتى لو فقد حياته دون ذلك، لكنه مع ذلك لن يردّ هجوما.
  • رد الهجوم يشمل السباب واللعن، لذا فإن المقاوم المدني لن يعمد إلى إهانة خصمه مطلقا، لذا فهو لن يشارك في أي من الصيحات التي تخالف روح فلسفة أهيمسا.
  • المقاوم المدني لن يحيي علم الاتحاد ولن يهينه أو يهين الموظفين البريطانيين أو الهنود.
  • خلال النضال إن أهان أحد موظفا أو اعتدى عليه فإن المقاوم المدني سيحمي الموظف من الإهانة أو الاعتداء حتى لو دفع حياته ثمنا.

أمثلة

الهند

كان العصيان المدني أحد أهم أساليب الحركات القومية في المستعمرات البريطانية السابقة في أفريقيا وآسيا قبل نيلها استقلالها. فقد نمى المهاتما غاندي وأمار باتيل العصيان المدني كوسيلة مناهضة للاستعمار. قال غاندي "إن العصيان المدني هو حق أصيل للمواطن في أن يكون متمدنا، وهو ينطوي على ضبط النفس، والعقل، والاهتمام، والتضحية". تعلّم غاندي العصيان المدني من مقالة ثورو الكلاسيكية والتي ضمّنها في فلسفة ساتياگراها السلمية. كانت حياة غاندي في جنوب أفريقيا وحركة الاستقلال الهندية أول تطبيق ناجح على نطاق واسع للعصيان المدني.
 

جنوب أفريقيا

دعا كل من الأسقف دزموند توتو وستيف بيكو إلى العصيان المدني، وتمثلت النتيجة في وقائع مشهورة مثل مظاهرة المطر البنفسجي عام 1989، ومسيرة كيب تاون السلمية التي أنهت الفصل العنصري.
 

الولايات المتحدة

تبنى مارتن لوثر كنج، أحد قادة حركة الحقوق المدنية في الولايات الأمريكية المتحدة الجنوبية الشرقية في ستينيات القرن العشرين، أسلوب العصيان المدني، كما تبناه النشطاء مناهضو الحرب أثناء حرب فيتنام. ومنذ سبعينيات القرن العشرين مارست الجماعات المناهضة للإجهاض المقنن في الولايات المتحدة العصيانَ المدنيَ.
 

أوروبا

استخدم الثوار العصيان المدني في ما عرف إجمالا بالثورات الملونة التي غشيت دولا شيوعية سابقة في وسط وشرق أوروبا ووسط آسيا، وهي الثورات التي تأثرت بأفكار جين شارب المعروف باسم "مكيافيلي اللاعنف" و"كلاوسفيتس الحرب السلمية".

من أمثلة ذلك خلع سلوبودان ميلوسوفتش في صربيا في 2000 والذي استخدم الثوار فيه أسلوبا كان قد طبق من قبل في انتخابات برلمانية في بلغاريا عام 2000، وسلوفاكيا عام 1998، كرواتيا عام 2000. كذلك مثل الثورة الوردية في جورجيا التي أدت إلى خلع إدوارد شفرنادزه في 2003 والتي دعمتها حركة كمارا، وكذلك الثورة البرتقالية في أكرانيا التي تلت الخلاف على نتائج انتخابات 2004 البرلمانية والتي قادتها حركة پورا.

و أيضا الثورة البنفسجية التي سبقت ذلك في تشيكوسلوفاكيا عام 1989 والتي هاجمت الشرطة فيها طلابا من جامعة تشارلز والتي ساهمت في سقوط النظام الشيوعي في تشكوسلوفاكيا السابقة.
 

مصر

تمثلت إحدى أبكر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في ثورة 1919 كما حدث بعد ذلك تطبيق عصيان المدني في ارقي صوره عندما قامت ثورة 25 يناير سنة 2011 ميلادية، عندما قام الشباب المصري بثورة بيضاء خالية من اي عنف صدر من الثوار تجاه الامن أو الحكومة وتجلت سلمية الثورة عندما قام ثوار ميدان التحرير بحماية رجال الشرطة من يد بعض الاهالي الغاضبين وعلي سبيل المثال أيضاً قام بعض الثوار بالنوم تحت مدرعات الجيش وتكوين سلاسل بشرية حتي لا يقوم الجيش أو الامن بتفريق المتظاهرين في ميدان التحرير...
 

أمثلة دينية

أحيانا يكون دافع ممارسي العصيان المدني إلى ذلك دينيا، كما يشارك رجال الدين أو يقودون ممارسات العصيان المدني، من الأمثلة الشهيرة على ذلك فيليب بِرِجان وهو كاهن كاثوليكي أمريكي سابق اعتقل عشرات المرات في أفعال عصيان مدني مناهضة للحرب.
 

اليمن

شهدت بعض محافظات الجمورية اليمنية خلال ايام ثورة 11 فبراير التي قامت ضد نظام الحكم في اليمن عصيان مدني، تزعمتها مدينة تعز ثم عدن ثم اب وأخيرا الحديده... ويتمثل بإغلاق المحال التجارية وبعض الدوائر الحكومية، وحتى الآن اغلقت ثلاث من الدوائر الحكومية وكتب عليها (مغلق من قبل الشعب).

المصدر: ويكيبيديا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق