الاثنين، ١٨ يوليو ٢٠١١

نجلاء بدير تكتب في التحرير: فتش عن المعنى



وقف رجل ضخم يرتدي نظارة سوداء وتي شيرت يظهر عضلات يده، ويربط مفصل الرسغ برباط عريض بني اللون، وقف أمام كاميرا القناة الأولى يتكلم على خلفية مجموعات (إحنا آسفين ياروكسي)، كان منفعلا وهو يصف سوء ما يحدث في التحرير، ووصل انفعاله إلى درجة الصراخ والردح عندما تطرق إلى وصف التفتيش على مداخل التحرير (ده مين ده اللي يقول لي طلع بطاقتك؟؟! أنا حد يسألني بطاقتي ده ما اتخالقش!! ومين إداله الحق ده؟! أنا اللي يقول لي طلع بطاقتك ظابط شرطة أو شرطة عسكرية مش دول.

لغة الجسد والعيون وملامح وجهه ونبرات صوته كانت تعبر عن الاحتقار والعدوانية والغرور. بشكل أثار ضحكي واعتبرت الأمر كله طرفة.

لكن عندما تكلم اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية مساء السبت على إحدي الفضائيات، قائلا ما معناه إنه يرفض، بل ويستهجن التفتيش الذي تجريه اللجان الواقفة على مداخل الميدان للداخلين، وسأل المذيع هل تقبل أن يطلب أحد تفتيشك قبل أن تدخل إلى بيتك، مشبها الميدان ببيت أصحاب الشركات الواقعة في الميدان.

وحكى عن ما اعتبره كارثة، عندما طلب الشباب من صاحب شركة سياحة إظهار بطاقته وما تلاها من تداعيات.
لم أعد أشعر أنها نكتة ولا طرفة، الموضوع جد.

في كل مرة أدخل فيها إلى الميدان، تقول لي الشابة الواقفة للتفتيش بعد أن تنهي عملها (آسفين لحضرتك اتفضلي) أرد عليها (إحنا اللي تاعبينك معانا، شدي حيلك اوعي حد يعدي منكم حاجة خطر)، وأنا جادة تماما فيما أقول، فهؤلاء البنات هن الدرع الأولى لنا، يبذلن مجهودا حقيقيا يكفي الوقوف في عز الشمس والحر أربع ساعات على الأقل. كما يتعرضن لخطر حقيقي.

يوم الأربعاء الماضي اتصلت بابنتي، لأعرف مكانها في الميدان قالت لي (أنا بافتش عند مدخل قصر النيل ومش ممكن أتحرك من مكاني قبل الساعة عشرة ونص) عندما نبهتني صديقة (خطر حكاية التفتيش ممكن حد يضربها أو يغلس عليها) قلت لها بمنتهى الصدق أكيد زمايلها هيحموها.ثم ذهبت لأطمئن عليها بعد ساعتين، ففوجئت بأن الأستاذة الفنانة ناهد نصرالله تقف بجوار ابنتي، وتقوم بالتفتيش والسؤال عن تحقيق الشخصية للسيدات الداخلات إلى الميدان، وتفتح معهن حوارات تعارف.

لجان التفتيش على أبواب ميدان التحرير صاحبتنى على كل من يوقفني قبل الدخول إلى أي مكان، ويسألني عن إثبات شخصيتي وسبب دخولي المكان.

أولا: لأنني أشعر بحاجة كل من يدخل الميدان الحقيقية إلى التأكد بأنه لن يسمح لأحد بحمل آلة حادة أو سلاح، على عكس ما يحدث في أي مكان آخر.

وثانيا: لأنها اللجان الوحيدة في مصر التي يتساوى أمامها الجميع، لا يستطيع أحد أن يمر بالرشوة أو بالمعرفة، أو بالواسطة، أو بالتميز الشكلي، أيضا على عكس الأماكن الأخرى.

بعد كلام اللواء الرويني عن التفتيش عند مداخل الميدان، أشعر برغبة حقيقية أن أربت على كتف كل شابة وشاب، قدموا من وقتهم وجهدهم مساهمة لحماية آخرين لا يعرفون حتى أسماءهم.

لكن يبدو أن سيادة اللواء لا يعرف من يستحق التحية ممن يستحق اللوم والتوبيخ.

ومداخلاته على الفضائيات ليلة السبت أكدت لي هذا، كما أكدت أن معاني الكلمات مختلفة تماما لدى كل منا. نحن نحتاج إلى تحديد معاني الكلمات، معنى توكيل ومعنى مشاركة، معنى تطهير القضاء ومعنى تظاهر سلمي ومعنى تعطيل الحياة.

بل والأهم معنى كلمة ثورة 

by Tahrir News on Monday, July 18, 2011 at 9:40am

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق